درس العمر للمبدع حسين مؤنس

درس العمر للمبدع حسين مؤنس

--------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

زمان قرأت مقالة هامة للدكتور والكاتب الراحل حسين مؤنس عن الاتقان ومن شدة اعجابى به احتفظت بالمقالة لسنين عدة واعطيتها لشخص عزيز على كى يقرأها ويعيدها فضاعت بحثت عنها على الانترنت
ولكن خاب ظنى فمن يحتفظ بمقالة كهذه لمدة تربوا على العشرين عاماً
فقلت فى نفسى لما لا اتذكرها واقصها عليكم بأسلوبى المتواضع لعل وعسى
الاتقان للراحل حسين مؤنس (كما اتذكرها لا كما كتبها)
بعد ان خرج والدى الى التقاعد تقاضى مكافأة نهاية الخدمة وقد كان القانون وقتها لا يمنح الموظف معاش دائم كما هو الان بل مبلغ من المال كمكافأة لنهاية الخدمة وعليه ان يصرف بها اموره فيما تبقى له من ايام حياتة .. وكم كانت حيرة والدى وفى يده مبلغ من المال 500 جنيه على ما اتذكر .. كيف يستثمره فيما يعود عليه وعلى اسرتة بالفائدة
جلس ابى على المقهى حيث جاوره الخواجه مينو ( الاسم من عندى) والذى لاحظ الحيرة على وجه ابى
وقد كانا اصدقاء .. ماذا يقلقك يااخ مؤنس ؟ لا شئ ياخواجه مينو .. كما تعلم خرجت من ايام الى التقاعد وقبضت المكافأة 500 جنيه ولا ادرى ماذا افعل بها لمقابلة الآتى من الايام والاولاد صغار
فرد مينو انا عندى لك الحل هلى تعرف البيت القديم الذى على ناصية الشارع ؟ اعرفه انه بيت قديم مبنى بالطوب الحجرى وله ابواب وشبابيك فارهة الطول لكنه قديم بعض الشئ
فرد الخواجه اعرف ذلك فقط اعطنى 200 جنيه فأشتريه لك لأننى اعرف اصحابه واعرف انه فى حاجة ماسة لبيعة والبلد (اعتقد انها بلدة فى ريف مصر ) ليس فيها من يدفع هذا المبلغ الان وسأصرف على اصلاحة وتزيينه مبلغ 100 جنيه اخرى وستبيعه بعد ذلك بمبلغ 500 جنيه سآخذ انا منها 100 جنيه اتعابى واربحك 100 جنيه فى ظرف ثلاثة او اربعة شهور فما رأيك
اخذت الحيرة تدب فى نفس ابى لكن الثقة التى كان يتكلم بها الخواجه مينو ومعرفة ابى به كرجل قد القول اى انه اذا قال فعل جعلته يحسم امره ويتوكل على الله ويعطى الخواجه المطلوب
وقتها كنت صغيرا فى المدرسة فربت الخواجة على كتفى وقال لأبى انا عايز حسين معى ليساعدنى واعدك انك ستسعد يوما ما به وبما سيتعلمه معى
وبدأنا العمل فأخذنى الخواجة الى السوق ليشترى احيتاجات الاصلاح والترميم وكان حريصا على الا ينفق اى مليم الا فى موضعه وكان يختبر مواد البناء بدقة شديدة قبل أن يشتريها .
وفى البيت اخذت اتابعه وهو يقيس كل شبر فى البيت بدقة واعتناء ثم يعيد القياس ويحدد بدقة احياجات كل (مرمه) او جزء من العمل فيهدم مايراه لا يصلح ويرمم ما يريد ان يترمم ولا يترك شبرا فى الحوائط بدون ان يتعهده بالصنفرة والتنعيم ووضع المعجون فى الفتحات ومراعات الالتفاتات والانحاءات بكل همة ودقة وذوق ثم جاء الدور على الموبليا والتأثيث فتعهد كل قطعة اثاث بما يلزمها من اعتناء ودهان وزواق وتلميع وكذلك الامر مع الستائر والفرش والسجاجيد وكان فى ذلك يشرح لى وجهة نظره ويطلب منى ابداء وجهة نظرى ويناقشنى ليقنعنى برأيه فى احترام شديد كأننا انداد
وبعد عمل مضنى لمدة شهرين اتم الانجاز وسلم ابى البيت
وذاع صيت البيت فى البلد فأقبل كبراء البلد ليعرضوا على ابى المال الوفير وجاء الخواجه بالمشترين وجاء الدور على ابى ليعطى الخواجة ال 100 جنيه المتفق عليها وحاول ابى ان يفاصل مع الخواجة ليقلل من مبلغ المائة جنيه لكن الخواجه رفض وسأل ابى هيه ستبيع البيت لمن ؟
فرد ابى لن ابيعه سأحتفظ به لنفسى فتقدكم الخواجه الى ابى ورد له 50 جنيها وقال له تلك هديتى لأبنك حسين وانت ياحاج مؤنس كبرت فى نظرى اكثر واكثر فالفلوس تروح وتجئ ولايبقى الا احترام المرئ لنفسه وانت رجل ذو شأن فى البلد وحقيق لك ان يكون لك بيت عظيم كهذا
ثم ربت الخواجة على كتفى واوصى ابى بى خيرا وقال له انت لك ولد عظيم وسيكون له شأناً عظيما
ولقد تعلم منى الكثير فى غضون الشهريين الفائتين ولاتحزن على ال50 جنيه التى انقدتنى اياها فلقد علمت ولدك درس العمر (الاتقان )

بارك الله فيك يا أستاذ أحمد
موضوع جميل فعلا
نقلته إلى التنمية البشرية أرجو أن يفيد أبناءنا الطلاب ويعرفوا أن المال وسيلة لا غاية
نطمع في المزيد إن شاء الله